هل الاسلام علماني؟ ولا توجد فيه كنيسة؟ أم انه يجمع بين الدين والسياسة؟
العودة للاسلام القرآني تقضي على استغلال السياسة للدين لا شك بحدوث تديين للسياسة في التاريخ الاسلامي، سواء في الخلافة العباسية و انظمة الخلافة الأخرى، أو في الفكر الشيعي الذي كان يتفاوت في اضفاء الطابع الديني على المجال السياسي، فالامامية من الشيعة كانوا يعتبرون الامام المعصوم المعين من قبل الله بمكان الرسول ويقدسونه، واما الزيدية فلم يكونوا يؤمنون بالنص والعصمة ، ولكنهم كانوا ايضا يضفون نوعا من القداسة على الحاكم الزيدي، ويحصرون السلطة في البطنين، ومع ان سلسلة الأئمة المعصومين انقطعت لدى الشيعة الامامية الموسوية، في أواسط القرن الثالث الهجري، لكن نشأت لديهم نظرية مرجعية دينية في ظل غيبة (الامام الثاني عشر) ولم تفتأ أن تحولت الى نظرية سياسية دينية تحت عنوان المرجعية الدينية او ولاية الفقيه، وبالرغم من ارتكاز نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية على الدستور والفكر الديمقراطي وتشريعه للانتخابات القيادية والرئاسية والبرلمانية والمحلية الا ان الثقافة الشعبية والتقاليد التاريخية للمرجعية الشيعية أضفت على النظام الايراني مسحة دينية ايضا. وقد حاولت التجربة السياسية العراقية الراهنة اقامة نظام ديمقراطي علماني بحت، لكنها وقعت اسيرة الهيمنة (المرجعية الدينية). وهناك مؤشرات كثيرة على اتجاه الحركات الاسلامية السنية الى تبني الفكر الديمقراطي، والفصل بين السياسة والدين في نظام الحكم، ولكن المحافظة على اسم (الاسلامية) ربما يتيح لها المجال في المستقبل ان حكمت أن تضفي على نفسها ثوبا دينيا يمزج بين الدين والسياسة.وفي الحقيقة لا يمكن للمجتمعات الاسلامية ان تفصل بسهولة بين الدين والسياسة، كما فصلت المجتمعات الغربية التي عزلت الدين المسيحي في الكنائس، وذلك لأن الاسلام يحتوي على قوانين عديدة ذات طابع سياسي، الا ان نكفر بالاسلام مثل الأوربيين، وهذا غير صحيح وغير ممكن. والحل في نظري يكمن في العودة للاسلام القرآني وليس الاسلام السياسي التاريخي (السني والشيعي) وهو لا يحتوي على كنيسة مثل المسيحية، ولا يعطي الحاكم أية صفة دينية، وذلك لأنه لم يتحدث عن نظام الحكم ولم يوكل مهمة الحكم الى أحد، وانما تركها للناس، فأسس بذلك للعلمانية السياسية، أي مدنية الحاكم، وتجريده مسبقا من ارتداء اي ثوب ديني او استغلال الدين في السياسة، وعلينا الالتزام بالاسلام والفصل بينه وبين الحكام السياسيين، ولا بد ان نعترف بأن هذه ايضا مهمة صعبة تتطلب نسف النظريات السنية والشيعية الامامية والاسماعيلية والزيدية التي تجذرت عبر الزمن، والعودة الى الاسلام القرآني الذي يدعو الى خلافة الناس الشعبية الديمقراطية العلمانية الاسلامية.راجيا الاطلاع على المحاضرة التالية في منتدى الوحدة الاسلامية في تركيا قبل اسبوعين، تحت عنوان: نحو خلافة شعبية ديمقراطية.. لا خلافة سلطانية مستبدة