واذا كان الشيعة بصورة عامة لا يعتمدون في بناء عقائدهم على الأحلام، فان الثقافة الشعبية الشيعية تتبادل بعض القصص التي يؤمن بها بعض الناس إيمانا كبيرا، مثل القصة التي يوردها الدكتور علي الوردي عن لص من قطاع الطريق حاول ذات مرة التعرض لزوار الحسين، وسلب أموالهم. وبينما كان كامنا في الطريق أخذته غفوة فنام، ورأى في منامه كأن القيامة قد قامت وأن الناس قد حشروا للحساب، وأراد الملائكة القاءه في النار لأعماله، فأنقذه الحسين لأن شيئا من غبار الزوار أصابه أثناء نومه، فاستيقظ اللص وهو ينشد شعرا: “إذا رمت النجاة فزر حسينا، لكي تبقى الإله قرير عين، فإن النار ليس تمس جسما، عليه غبار زوار الحسين”. ويعلق الوردي على ذلك بقوله:”انتشر هذا الشعر بين الناس، وأصبح عندهم كأنه من الآيات المنزلات”.
– الوردي، الأحلام، ص 60
وربما كان الوردي يعني الشيعة الأخباريين، الذين عُرفوا بالإيمان بالأحلام، وعلى رأسهم الشيخ أحمد زين الدين الأحسائي (1826م) الذي يقول عنه الوردي أنه استلهم معظم عقائده المغالية من الأحلام، واستند فيها على الحديث القائل “من رآنا فقد رآنا حقا”. وينقل عنه قوله عن نفسه:”أنه في أول مرة رأى في بعض أحلامه الحسن بن علي عليه السلام، ورجا منه أن يعلمه شيئا إذا قرأه استطاع أن يراه أو يرى غيره من الأئمة في النوم، فعلمه الحسن بضعة أبيات من الشعر. وكانت هذه الأبيات مفتاح كنز عظيم من العلوم للشيخ بعد ذلك، استطاع بها أن يرى أي إمام يشاء في نومه عند الحاجة”.
– الوردي، علي، الأحلام بين العلم والعقيدة (1958) ص 10 ط2 1994 دار كوفان لندن
وهذا ما يؤكده علاء الخطيب أيضا، حيث يقول: كان الأحسائي يدعي أنه يرى الأئمة والنبي، وكان يعتقد أنه لا ينطق عن الهوى بل هي علوم ألقيت اليه من النبي وأهل البيت، ويقول: رأيت النبي وقلت: يا سيدي أريد منك مساعدتي على أن أخلع الدنيا أصلا، بحيث لا أعرف شيئا منها، فقال: هذا أصلح… فسقاني النبي من ريقه… وكل من رأيت منهم يجيبني في كل ما طلبت، وكنت مدة إقبالي سنين متعددة ما يشتبه علي شئ في اليقظة إلا وأتاني بيانه في المنام.. كنت في تلك الحال دائما أرى منامات وهي إلهامات.
– الخطيب، الحلم المقدس ص 74
ومن المعروف أن معركة طويلة وعنيفة جرت بين الأصوليين والأخباريين في كربلاء في القرن الثامن عشر، اضطر فيها المجتهد “الملا محمد باقر الوحيد البهبهاني” إلى استخدام نفس سلاح (الرؤيا) ضد خصمه الأخباري الشيخ أحمد الأحسائي، وقال إنه رأى الامام الحسين وقد أمره أن يقضي عليه. وذلك بعد أن أصدر فتوى تحرم الصلاة خلف الشيخ الاحسائي زعيم الأخباريين باعتباره فاقد الأهلية لإمامة الجماعة وأنه غير عادل.
المصدر، ص 72