هل يقلد السيستاني الشيخ الصدوق: رمضان ثلاثون يوما ولا ينقص أبدا؟

مواضيع متنوعة

اشتهر تبني بعض الفقهاء الشيعة السابقين للرأيالقائل بأن شهر رمضان كامل دائما ولا ينقص أبدا، بناء على بعض الاحاديث الواردة عن الامام جعفر الصادق، والمخالفة لفتاوى علماء أهل السنة (العامة) بالرغم من وجود أحاديث أخرى عنه باحتمال النقصان، وهي أساسا مسألة فلكية لا تستدعي الرجوع الى أي إمام، ولكن هذا ما جرت عادتهم عليه، حتى منتصف القرن الرابع الهجري، فقدر روى الشيخ الصدوق محمد بن علي بن بابويه، في كتاب (من لا يحضره الفقيه) عدة روايات عن الصادق مثل “ان الله خلق الدنيا في ستة أيام ثم اختزلها من أيام السنة، فالسنة ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما: شعبان لا يتم، وشهر رمضان لا ينقص أبدا، ولا تكون فريضة ناقصة، ان الله تعالى يقول: “ولتكملوا العدة”. وقال بعد ذلك: “قال مصنف هذا الكتاب: من خالف هذه الأخبار وذهب الى الأخبار الموافقة للعامة في ضدها، اتقى، كما يتقي العامة، ولا يكلم الا بالتقية كائنا من كان، الا ان يكون مسترشدا فيرشد ويبين له، فان البدعة انما تمات وتبطل بترك ذكرها”.

وقال: إن “مذهب خواص الشيعة وأهل الاستبصار: أنه لا ينقص عن ثلاثين يوما أبدا، والأخبار في ذلك موافقة للكتاب، ومخالفة للعامة، فمن ذهب من ضعفة الشيعة الى الاخبار التي وردت للتقية في أنه ينقص ويصيبه ما يصيب الشهور من النقصان والتمام، اتقى كما تتقى العامة”.
وقد روى الكليني: عن ابي عبد الله “شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص أبدا”.

ولكن الشيخ المفيد قام بإعادة النظر في هذه الفتوى، فكتب عدة رسائل حول الموضوع وأجاب عددا من الشيعة برأي مخالف للمشهور. وقام بنقض خبر مروي عن الامام جعفر الصادق بأن: “رمضان ثلاثون يوما لا ينقص ابدا” كان قد عمل به الشيعة من قبل، حتى الشيخ محمد بن علي بن بابويه الصدوق (توفي عام ٣٨١)
واعتمد المفيد في رأيه أن رمضان ينقص ويكمل أحيانا، على ظاهر الآية القرآنية، والاطلاق العرفي والمفهوم المتداول بين الناس، واستدل بالمسلمات الفقهية، ورد الأخبار المروية (المضادة) سندا ودلالة. وفسر قوله تعالى بأن المراد اكمال صوم الشهر بعدته، ان كان تاما فثلاثين، وان كان ناقصا فتسعة وعشرين، وليست الآية بصدد تعيين مقدار العدة.

وقال المفيد، في الرد على من تمسك بإكمال العدد لشهر رمضان: انهم ” خالفوا نص القرآن ولغة العرب، وفارقوا بمذهبهم فيه كافة علماء الإسلام، وباينوا أصحاب علم النجوم ، فلم يصيروا الى قول المسلمين في ذلك، ولا الى قول المنجمين الذين اعتمدوا الرصد والحساب، وادعوا علم الهيئة، فصاروا مذبذبين لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء، وأحدثوا مذهبا غير معقول، ولا له أصل يستقر على الحجاج، وعملوا جدولا باطلا أضافوه الى الصادق، لم أجد أحدا من علماء الشيعة وفقهائها وأصحاب الحديث منها على اختلاف مذاهبهم في العدد والرؤية، الا وهو طاعن فيه ومكذب لراويه”. وأضاف:” وأما ما تعلق به أصحاب العدد في أن شهر رمضان لا يكون أقل من ثلاثين يوما فهي أحاديث شاذة قد طعن نقاد الآثار من الشيعة في سندها، وهي مثبتة في كتب الصيام في أبواب النوادر، والنوادر هي التي لا عمل عليها”.

وقال: “أما ما تعلق به من شذ عن أصحابنا ومال الى مذهب الغلاة وبعض الشيعة في العدد، وعدل عن ظاهر حكم الشريعة من قول أبي عبد الله (ع): “اذا أتاكم عنا حديثان فخذوا بأبعدهما من قول العامة” فانه لم يأت بالحديث على وجهه… والحديث في العدد يخالف القرآن ، فلا يقاس بحديث الرؤية الموافق للقرآن، وهو قد أجمعت الطائفة على العمل به، فلا نسبة بينه وبين حديث يذهب اليه الشذاذ، وهو موافق لمذهب أهل البدع من الشيعة والغلاة”.

وأكد المفيد مرة أخرى رفضه لهذا الحديث المروي عن الصادق: “ان الله خلق الدنيا في ستة أيام ثم اختزلها من أيام السنة، فالسنة ثلاثمائة وأربعة وخمسون يوما: شعبان لا يتم، وشهر رمضان لا ينقص أبدا، ولا تكون فريضة ناقصة، ان الله تعالى يقول: “ولتكملوا العدة”. وقال عن حديث الصادق الآنف من أن “رمضان لا ينقص أبدا”. : إن “هذا الحديث شاذ مجهول الاسناد، يخالف الكتاب والسنة واجماع الأمة ولا يصح على حساب ملي ولا ذمي، ولا مسلم ولا منجم، ومن عول على مثل هذا الحديث في فرائض الله فقد ضل ضلالا بعيدا”.
وأضاف: ان “هذا يدل على أن واضع الحديث عامي عقل، بعيد من العلماء، وحاشا أئمة الهدى (ع) مما أضافه اليهم الجاهلون، وعزاه اليهم المفترون.
فهذه الاحاديث الثلاثة مع شذوذها واضطراب سندها، وطعن العلماء في رواتها هي التي يعتمد عليها أصحاب العدد المتعلقون بالنقل. وقد بينا ضعف التعلق بها بما فيه الكفاية”. وقد رد المفيد أيضا أحاديث أخرى ضعيفة بالعقل وتنقيح السند.

Ali

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *